لم أكن أدرى أن الأحلام يمكن أن تتحول إلى حقيقة، وأنها حين تطفو على سطح الواقع تكون لذيذة وجميلة بهذا الشكل. ما أجمل الأحلام! ولكن أجمل منها أن تراها العيون حقيقة كائنة. خمسة أعوام متواصلة وأنا أرى نفس الحلم اللذيذ ولكن حين أصحو اكتشف الواقع الأليم فيعتصرني اليأس من تحقيق حلمي وكرهت أن اخلد إلى النوم حتى لا أرى الحلم اللذيذ ثم اصطدم بالواقع الأليم. وأخيرا تحول الحلم إلى واقع ملموس، تحول إلى عصفورة فى قفصي الذهبي، إلى قطعة حلوى فى طبقي الفضي، إلى وردة فيحاء فى زهريتي الأرجوانية، تحول إلى فتاة جميلة راقدة بين ذراعي، تلك الفتاة التى ظللت خمسة أعوام كاملة وأنا احلم بها عروس فى ثوبها الأبيض ثم اصحوا وأتذكر أنى مرتبط بها منذ خمسة أعوام ولا استطيع إن أتزوجها لأنني رفضت أن أكون عدوا للشريعة والقانون ورضيت بان أكون موظفا بسيطا شريفا عفيفا يتقاضى200 جنيها فى الشهر محتاج إلى ثلاثين عاما لكي يتزوج على شرط ألا يأكل أو يشرب أو يلبس،فكانت النتيجة أنني لا استطيع أن أوفر لها مسكن الزوجية،وحتى لو توفر المسكن فلن استطيع أن أوفر لها أثاث هذا المنزل،ولو وفرت الأساس فلن استطيع أن أوفر لها الكساء والغذاء، وكيف أوفر لها الكساء والغذاء وأنا نفسي عريان وجوعان. لقد كنت حزينا جدا على حالتي حتى اكتشفت أنني واحد من ضمن آلاف الشباب الذين يعانون نفس مشكلتي. حبي لفتاتي لم يجعلني ايئس وصبرت عليها حتى ملني الصبر, وتمنيت أن اظفر بها حتى ضاق بى الأمل ولكن رغبة أهلها أن يفصلوا بيننا جعل اليأس يدب فى أوصالي وأصبت "بمرض الأحلام"، كل يوم أراها "عروسي" وأنا "عريسها" وعندما اصحوا أراها "أمل" وأنا "خيبة أملها".
والآن هي بين ذراعي فى دارى الرحيبة وفراشي الوثير فى ثوبها الأبيض،أعرى فيها الماضي الأليم، وتعرى فى عجزي وفقري حتى تنساه، تجردنا من الماضي بكل آلامه، واحتفلنا بالحاضر بكل لذاته فوق فراش العرس وكدت أن انتهى منها وتنتهي منى لولا أنني صحوت على صوت أمي قائلة:
- احمد ... اصحي يا حبيبي خطيبتك بره عايزة تشوفك
فعلمت حينئذ أنني ما زلت احلم وما زال مسلسل الأحلام مستمرا لم ينتهي والواقع ما زال مريرا.. وخرجت لأقابل خطيبتي.
- صباح الخير
- صباح الخير يا احمد
- إيه الحكاية دى أول مرة تزوريني بدري كده وبدون معاد سابق.
- الحقيقة يا احمد أنا النهارده جايا عشان .....عشان أديلك دبلتك.
- إيه؟ أنت بتقولي إيه؟
- يا احمد أرجوك متزعلش منى، انأ استنيتك كتيير, والحكاية طولت وبصراحة أنا جالى عريس جاهز وأهلي موافقين عليه.
- واللى بينا؟
- ضاع زى ما ضاعت كل حاجة حلوة فى حياتنا, اتبخر لما اشتدت عليه حرارة الفقر
- دا آخر كلام عندك؟
- ايوه دا آخر كلام
وضعت الدبلة على الترابيزة وتركتنى غريقا فى بحر الأفكار المتعثرة والآلام المبرحة،تركتني كما يترك الموج حطام السفينة على الشاطئ،تركتني رمادا خلفته النيران. الحقيقة هي مش غلطانة ولا أنا كمان غلطان. يا ترى مين اللي غلطان؟ ولو حصل الكلام دا مع معظم شباب البلد يا ترى النتيجة حتكون إيه؟
والآن هي بين ذراعي فى دارى الرحيبة وفراشي الوثير فى ثوبها الأبيض،أعرى فيها الماضي الأليم، وتعرى فى عجزي وفقري حتى تنساه، تجردنا من الماضي بكل آلامه، واحتفلنا بالحاضر بكل لذاته فوق فراش العرس وكدت أن انتهى منها وتنتهي منى لولا أنني صحوت على صوت أمي قائلة:
- احمد ... اصحي يا حبيبي خطيبتك بره عايزة تشوفك
فعلمت حينئذ أنني ما زلت احلم وما زال مسلسل الأحلام مستمرا لم ينتهي والواقع ما زال مريرا.. وخرجت لأقابل خطيبتي.
- صباح الخير
- صباح الخير يا احمد
- إيه الحكاية دى أول مرة تزوريني بدري كده وبدون معاد سابق.
- الحقيقة يا احمد أنا النهارده جايا عشان .....عشان أديلك دبلتك.
- إيه؟ أنت بتقولي إيه؟
- يا احمد أرجوك متزعلش منى، انأ استنيتك كتيير, والحكاية طولت وبصراحة أنا جالى عريس جاهز وأهلي موافقين عليه.
- واللى بينا؟
- ضاع زى ما ضاعت كل حاجة حلوة فى حياتنا, اتبخر لما اشتدت عليه حرارة الفقر
- دا آخر كلام عندك؟
- ايوه دا آخر كلام
وضعت الدبلة على الترابيزة وتركتنى غريقا فى بحر الأفكار المتعثرة والآلام المبرحة،تركتني كما يترك الموج حطام السفينة على الشاطئ،تركتني رمادا خلفته النيران. الحقيقة هي مش غلطانة ولا أنا كمان غلطان. يا ترى مين اللي غلطان؟ ولو حصل الكلام دا مع معظم شباب البلد يا ترى النتيجة حتكون إيه؟